الدكتورة كلاوديا كوستين هي مؤسس ومدير لمركز التميّز والابتكار في سياسات التعليم في مؤسسة جيتوليو فارجاسفي البرازيل، وهي مؤسسة للتعليم العالي ومركزًا للأبحاث. شغلت مناصب بارزة، من بينها مديرًا رفيع المستوى للتعليم العالمي في البنك الدولي، وأمينًا للتعليم في مدينة ريو دي جانيرو. كما شاركت في مجالس عالمية مثل معهد للتعلم مدى الحياة التابع لمنظمة اليونسكو، وكانت أستاذة زائرة في جامعة هارفارد. في عام 2024، انضمت الدكتورة كوستين إلى المجلس الاستشاري لتعليم نورد أنجليا، والذي يقدم منظورات خارجية لدعم البرامج التعليمية لمجموعة المدارس الدولية عبر مدارسها التي تتجاوز 80 مدرسة حول العالم. وهذا المجلس الذي يترأسه اللورد ديفيد بوتنام، يركز على مجالاتٍ مثل التنمية المهنية، والحماية الطلاب، وتقدّم التعليم والتعلّم.
أنا ابنة لاثنين من اللاجئَين. كانت والدتي لاجئة حرب. فقد غادرت بلدها، المجر، في عام 1944 في ظروف صعبة للغاية. إنها، بطريقةٍ ما، ناجية. لم تذهب إلى معسكرات الاعتقال، لكنها عانت كثيرًا مما حدث في المجر في عام 1944. لهذا هربت مع عائلتها. أما والدي، فقد غادر رومانيا في عام 1949 بعد الحرب، هاربًا من الستالينية، والتقى بوالدتي في البرازيل. لم تتمكن والدتي من إكمال التعليم الثانوي الأدنى، وكانت دائمًا تقول لنا نحن الأبناء: "لا تنسوا أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن للديكتاتورين أو الأنظمة الاستبدادية أن تأخذه منكم هو ما في عقولكم". لذلك، كان التعليم مهمًا جدًا بالنسبة لها، لأنها لم تتمكن من مواصلة تعليمها. ومع ذلك، أصبحت واحدة من أوائل المتخصصين في تقنية المعلومات في البرازيل دون تعليم رسمي. لهذا كانت مُلهمة جدًا لي، وأردت أن أصبح معلمة. لكنني لم أتمكن من ذلك لأن والدي كان رجل أعمال، وكان شقيقي الأكبر قد تُوفي عندما كان في الثامنة عشرة من عمره. كان والدي يعمل على إعداد شقيقي الأكبر ليكون خليفته، لذا طلب مني أن أدرس مجال الأعمال. كنت أرغب في دراسة التربية، لكنني لم أرد أن أجرح مشاعر والدي الذي فقد ابنه للتو، لذلك طلبت ثلاثة أيام للتفكير في الأمر واكتشفت أن إحدى كليات الأعمال في البرازيل، وكانت الأكثر شهرة، تقدم أيضًا دورة في الإدارة العامة أو السياسة العامة. لذلك ذهبت إلى هناك، ودخلت الامتحان الأكثر تحديًا في الإدارة العامة ونجحت في الاختبار. وبما أن الدراسة كانت مُموّلة من الحكومة، لم تكن هناك رسوم دراسية. اكتشف والدي ذلك الأمر، فقال حينها "انتظري، أنا لم أدفع أبدًا الرسوم الدراسية"، فقلت له، هذا لأنها مجانية.
بالنسبة ببعض الأعمال التي قمت بها من أجل المنتدى الاقتصادي العالمي، فقد قمت بعمل بحث حول ما تفعله المدارس الجيدة وأنظمة المدارس الجيدة لإعداد الجيل القادم لمستقبل العمل، واكتشفت أن العديد منها كان يعمل على حل المشكلات التعاوني، وحل المشكلات المعقد والإبداع، وتطوير التفكير النقدي والتفكير المُمنهج لدى الأطفال. بمعنى آخر، كانوا يعلّمونهم كيف يفكرون، وليس فقط حفظ الحقائق والتواريخ. المهم أيضًا هو تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية التي سيحتاجون إليها في عملهم المستقبلي، مثل مهارات التعاطف، والمرونة الثقافية، والقدرة على التبحر في الثقافات المختلفة.
أعتقد أن التعليم من أجل الديمقراطية سيصبح شيئًا مهمًا للغاية. وهناك طريقة جيدة لتعليم الطلاب هي تعليمهم مناقشة القضايا من وجهات نظر متعارضة دون أن يكونوا عدوانيين تجاه بعضهم البعض. فالأمر يتعلق بتعلم كيفية احترام وجهات النظر الأخرى، وفي نفس الوقت محاولة عدم خلق تحيزات في آرائنا، بحيث لا تكون آرائنا مبنية فقط على وسائل التواصل الاجتماعي. الأمر يبدو بديهيًا، لكنه ليس كذلك. أنا شخص متفائل وواقعي، وأعتقد أن هناك حاجة مُلحة لتعليم الطلاب المهارات اللازمة لمستقبل العمل، وفي نفس الوقت، من أجل مستقبل مجتمع متماسك ومترابط.
أنا سعيدة جدًا لأنك طرحت هذه النقطة. بالطبع يجب أن يوجد إحساس بالمسؤولية الاجتماعية، لأن شبابنا في النهاية سيتولون قيادة الشركات أو الدول أو الحركات الاجتماعية. لذا، عليهم أن يعطوا للمجتمع، ليس فقط من خلال التبرع للأعمال الخيرية، وهو أمر مهم، ولكن من خلال رد الجميل بمعنى جعل المجتمع أكثر تماسكًا. عليهم أن ينظروا إلى التفاوت الاجتماعي ويفكروا في أن هذا الأمر يجب أن يتغير. فالإحساس بالهدف مهم للغاية. وتستطيع مدارس نورد أنجليا أن تقوم بذلك من خلال برامج التنمية المهنية التي لديهم، مما يساعد في إعداد المعلمين والمديرين، والذين هم قادة عملية التعلم، وذلك لتحفيز هذا الهدف في كل مدرسة من مدارسهم. ليس من المهم فقط تعزيز التفوق الأكاديمي، والذي أراه مهمًا للغاية، ولكن أيضًا تعزيز الشعور المواطنة.
في مدينة ريو، في ذلك الوقت، إذا نظرنا في المتوسط، كانت الفتيات يدرسن لسنوات أكثر من الفتيان. لكن كان هناك 155 مدرسة في مدينة ريو تقع في وسط العشوائيات التي يسيطر عليها تجار المخدرات. وكانت الفتيات يتركن المدرسة بسبب الحمل، أو يعرضن أنفسهن على تجار المخدرات مقابل الحصول على "الحماية". كان هذا محزنًا للغاية. فأخذت هذه المدارس والتي تبلغ 155 مدرسة — من بين 10,084 مدرسة، بالإضافة إلى 200 دار حضانة أو ثلاث مدارس رياض أطفال — وقمنا بإنشاء مشروع يُدعى مدارس الغد. كان هذا نوعًا من العمل الإيجابي، حيث كنا نقدم المزيد للمدارس التي كانت بحاجة إلى المزيد، ونضع أفضل المديرين والمعلمين في تلك المدارس، ونمنح أكبر دعم في الرواتب لأولئك المعلمين. وإذا لم يكن لدي المال لتزويد كل مدرسة بمختبر للعلوم، لكن حصلت تلك المدارس والتي تبلغ 155 مدرسة على مختبرات علوم. وإذا لم يكن لدي المال لتنفيذ برامج ما بعد المدرسة في جميع المدارس، فقد كان لدينا برامج ما بعد المدرسة في جميع تلك المدارس. لقد عملنا مع جمعيات الأحياء المجاورة في كل واحدة من هذه المناطق العشوائية لبناء دعم مجتمعي من أجل تحسين هذه المدارس، وفي غضون عامين، ارتفعت نتائج التعلم في المرحلة الإعدادية بنسبة 33%. وهذا شيء أفتخر به كثيرًا. وفي النهاية، تحسنت جميع المدارس، بما في ذلك تلك التي لم تكن تقع في الأحياء العشوائية. وحيثما أمكن، كنا نستعين بالمدارس الخاصة للمساعدة في التنمية المهنية للمعلمين والمعلمات في المدارس التي كانت تواجه تحدياتٍ أكبر. من المهم جدًا أن يكون لدى الجميع نظامًا تعليمًا حكوميًا جيدًا.
يجب علينا أن نبني العدالة، ليس عن طريق خفض مستوى التوقعات، بل من خلال وضع توقعات عالية للجميع، وتوفير الدعم الإضافي لمن يحتاج إليه. كان من الشائع جدًا في البرازيل وفي مدينة ريو أن يتم التعامل مع الأطفال الفقراء بقول: "حسنًا، إنهم فقراء. لا تضغطوا عليهم كثيرًا، يجب الاهتمام بهم ورعايتهم، لكن ليس من الضروري تعليمهم تعليمًا جادًا." إن هذا أمر فظيع! عندما كنت أتحدث إلى المعلمين، كنت أقول: "الأمر كما لو أنني أخبرتكم عن شخص انضم إلى فريق كرة قدم، وقلتم إنه لم يتغذَّ جيدًا في طفولته ويأتي من حي فقير، لذا لا يحتاج إلى التدريب كثيرًا." لا، العكس هو الصحيح. بل يجب توفير دعمًا إضافيًا له. بناء العدالة أمر صعب جدًا، لأنك بحاجة إلى توفير تعليم أفضل حتى للأطفال في المناطق المهمشة. ويبدأ ذلك بما تسميه كارول دويك "عقلية النمو". يمكنك توقع نموًا كبيرًا في تنمية المهارات، في أن يصبح الشخص مواطنًا أفضل، وفي كل شيء آخر، أليس كذلك؟ قد يبدو هذا ساذجًا، لكنه ليس كذلك. بل هو السبيل لبناء مجتمع متماسك.
ما أفتخر به هو أنني لم أستسلم. أنا سيدة كبيرة في السن، أبلغ من العمر 69 عامًا. وفي المواقف الصعبة، واصلت طريقي، واصلت الإيمان بآرائي، ليس فقط في التعليم، بل أيضًا بإمكانية بناء مجتمع أفضل. أنا سعيدة لأنني وفريقي قد غيّرنا مشهد التعليم، رغم أن أمامنا الكثير من العمل. وعلى الرغم من أن هناك الكثير من العمل المتبقي. حتى مع وجود الكثير من العمل لإنجازه، فإنني أواسي نفسي بالتفكير قائلة: "حسنًا، على الجيل القادم أن يواصل هذا العمل". لقد تم بناء سور الصين العظيم على مدى أجيال. ولكل جيل دور في مواصلة بناء عالم أتمنى أن يكون أفضل من عالمنا.
يجب أن أعترف، كنت فخورة بالدعوة، وقلت لنفسي "سأتعلّم الكثير من الأشياء وسأعلم المدارس الحكومية كيفية تقديم تعليم رائع". لذلك، إن الأمر يتعلق بي حيث أنني أرغب في رد الجميل لبلدي أو للمدارس في أفريقيا. فلقد عشت في أنجولا لمدة عام وأنا مرتبطة جدًا بها، لذلك قلت لنفسي: "سأكتشف كل شيء يقومون به لمساعدة الأطفال على النجاح، وفي نفس الوقت، أرد الجميل للآخرين—لأنظمة المدارس الحكومية في جميع أنحاء العالم".
We use cookies to improve your online experiences. To learn more and choose your cookies options, please refer to our cookie policy.